توثيق البطولات أم مستقبل الرياضة السعودية؟ رؤية وأولويات

المؤلف: أحمد الشمراني08.16.2025
توثيق البطولات أم مستقبل الرياضة السعودية؟ رؤية وأولويات

في اللحظة التي كنا نأمل فيها بكسر طوق الغياب الطويل عن منافسات كأس العالم، أو على أعتاب تحقيق هذا الحلم المرتقب، فاجأتنا الهيئة المسؤولة عن تطلعاتنا الرياضية بفتح ملف شائك لتوثيق البطولات، في خطوة لم تحترم الرفض الواسع النطاق لهذا الإجراء، والذي لن يلقى القبول إلا من طرف نادٍ واحد فقط... يا للأسف!! كان من الأصوب، لو كان هذا التوثيق أمراً لا مفر منه، اختيار التوقيت الأمثل والأشخاص المؤهلين، مع كامل تقديري واحترامي للجنة وأعضائها الحاليين...!!! بدلاً من إضاعة الوقت الثمين في خوض غمار هذه المسائل الخلافية، كان الأجدر بنا التوجه نحو الأولويات الأهم، وفي مقدمتها الاهتمام الجاد بتهيئة بيئة الملاعب، التي تمثل الركيزة الأساسية والضرورية، فبدونها لا يمكن أن تقوم للرياضة قائمة أصلاً...!!! ملعب الأمير عبدالله الفيصل، الذي يعاني التدهور الشديد ويكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة، ألم يكن من الأولى إعطاء الأهمية القصوى لتطويره وتحديثه، بدلاً من الانشغال بتوثيق بطولات لن يغير في الواقع شيئاً، حتى لو حظيت بمباركة أعلى سلطة رياضية، فالكل على دراية بتاريخ ناديه وإنجازاته...!!! المباراة المصيرية التي تنتظرنا أمام المنتخب الياباني، والتي من خلال الفوز بنقاطها قد نضع قدماً راسخة في طريقنا نحو روسيا، ألا تستدعي هذه المباراة تضافر الجهود وتوحيد الصفوف من أجل تحقيق حلم وطن، بدلاً من هذه المناوشات والصراعات التي طغت على جميع البرامج الرياضية...!!! نشاهد الآن كيف أن جميع القنوات المصرية متفرغة تماماً لمتابعة شؤون منتخب مصر، بل قامت بتأجيل جميع برامجها الرياضية الأخرى، وركزت اهتمامها بشكل كامل على تغطية أخبار المونديال...!! بينما نجد أن معسكر منتخبنا الوطني قد انطلق، بالتزامن مع إعلان لجنة التوثيق عن جدول أعمالها المتعلق ببطولات الأندية، ليتم بذلك اختطاف الأضواء الإعلامية وتوجيهها نحو جدالات عقيمة، لا طائل من ورائها سوى المزيد من الانقسامات والخصومات...!! إذا كانت الهيئة تعتبر قرار التوثيق مشروعاً وطنياً، فمن باب أولى أن تقدم لنا القصة الكاملة وتوضح لنا الأسباب الكامنة وراء هذا القرار، وأن تفتح ورشة عمل للمهتمين والخبراء الثقات في مجال رصد التاريخ الرياضي، أما أن يتم تشكيل لجنة تفتقر إلى الإجماع، ويضم جل أعضائها، بمن فيهم الرئيس تركي الخليوي، أشخاصاً لا صلة لهم بالتاريخ الرياضي، فهنا يتعاظم حجم التساؤلات والانتقادات، وأنا في مقدمة المعترضين...!! بطبيعة الحال، حديثي هنا لا يهمني فيه من هو الأول ومن هو الأخير، ففي رأيي المتواضع أن المسألة برمتها لا تتعدى كونها مجرد أرقام سيتم الإعلان عنها، وسنتناقش حولها يوماً أو يومين، ثم سيتم وضعها على الرف لتنتهي بذلك...!!! إن ما يقلق الرياضي السعودي ليس عدد بطولات الأهلي أو الاتحاد أو الهلال والنصر والشباب، بل ما يؤرقه حقاً هو المستقبل، الذي يجب علينا أن نعمل من أجله ونسعى نحو بنائه، فنادٍ بحجم الاتحاد يضطر إلى الانسحاب من المشاركة في البطولة الآسيوية بسبب ضائقة مالية، هو مؤشر بالغ الخطورة يرسم أمامنا صورة قاتمة لما هو قادم، وهو ما يفترض أن نسخر جهودنا ووقتنا لتلافيه...!!!! بدلاً من الركض وراء وهم أرقام بطولات الأندية، كان من الأجدر تسهيل مشاركة نادي الاتحاد في البطولة الآسيوية، ولو عن طريق منحه سلفة مالية من الدولة أو الهيئة أو أحد البنوك، ففي اعتقادي الراسخ أن قرار الانسحاب لو كان يتعلق بنادٍ آخر غير الاتحاد، لتم تجاوزه بكل سهولة، واكتفيت بذكر "غير الاتحاد" تحديداً، لكي لا يقال إنني متحيز ضد أو مع أحد الأطراف...!!!! أعود إلى موضوع التوثيق وأقول: أرقامكم وتعبكم وجهدكم واجتهادكم محل تقديري واحترامي، وأسأل الله أن يثيبكم عليه، لكن كل نادٍ هو الأدرى بتاريخه وإنجازاته...!!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة